هل ثمة علاقة بين البرطمان والبرلمان؟! قبل أن أجيب يجدر بى أن أوضح أن البرطمان المقصود هو برطمان المخلل أو بالأحري برطمان الطرشى، وأبادر وأقول إن العلاقة بين البرطمان والبرلمان علاقة قوية جدا على ما بينهما من وشائج لا تخفى على أولى الألباب من خبراء التذوق وفواتح الشهية وخبراء العمل السياسى والمشاركة السياسية.
لعل أهم رابط بين البرطمان والبرلمان هو طريقة التشكيل والتى يمكن من خلالها الحكم على مدي جودة برطمان الطرشى ومدي صلاحية البرلمان.
فبرطمان الطرشى الجيد أو النموذجى لابد أن تتوافر فيه:
استجابته لمطالب الجمهور أو أكيلة وهواة الطرشي ، أن يكون متعدد الالوان ولا يقتصر على لون واحد فقط وهذا لن يتحقق إلا إذا احتوي على اللفت والجزر والزيتون والليمون والبصل والقرنبيط والخيار، إضافة إلى الجرجير وان تسبح كل هذه النعم فى مياه الطرشى أو الويسكي البلدي أو الويسكي الحلال.
ضبط درجة ملوحة البرطمان بحيث لا تزيد فترفع ضغط الدم، ولا تقل فتجرد الطرشى من كونه فاتح للشهية.
والبرلمان الجيد الصالح يجب أن تتوافر فيه:
أن يلبى رغبات الجماهير واختياراتهم الحقيقية، فالبرلمان فى الأول وفى الآخر يمثل الشعب أو جماهير الناخبين.
أن يمثل كل القوى والتيارات السياسية فى المجتمع سواء التى تعبر عن الموالاة أو التى تعبر عن المعارضة.
أن يتمسك بمهامه الأساسية فى تمثيل الشعب والتشريع ومحاسبة الحكومة.
أن يتيح الفرصة لكل أعضائه للتعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم مهما كانت بحرية ودون حجر على أحد.
أن يضرب البرلمان المثل فى إيمانه بالديمقراطية بطريقة اختياره لرئيس البرلمان والوكلاء واللجان.
البرطمان الجيد يفتح الشهية للاستماع بالطعام، سواء كان طبق فول مدمس أو دكر بك، والبرلمان الجيد يفتح شهية الأحزاب لممارسة العمل السياسى والتواصل مع الجماهير والتعرف على نبضها.
والحديث عن البرطمان والبرلمان يعيدنى دون تعمد إلى حارة السقايين التى مازالت تسكننى رغم مغادرتى لها، والتى كانت تضم واحدا من أكبر وأعرق معامل الطرشى فى عابدين والحنفى، وهو طرشى عم (ناكر) رحمه الله والذى كان مورد الطرشى الرئيسى لجهات سيادية، كما تضم حارة السقايين واحدة من أشهر المقاهى التى كانت تدير انتخابات مجلس الشعب (النواب) عن دائرة عابدين والموسكى، وأتذكر جيدا مشاهير المرشحين الذين كانوا يتناظرون فى مقهى موسى عطية مثل الغندور وحسين البلدي وعبدالقادر حاتم رحمة الله عليهم جميعا.
الأمل كبير فى برلمان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى تشكيله هو الشعب... برلمان فاتح للشهية السياسية التشريعية والرقابية.. برلمان يشعر بالناس ويمثلهم فعلا وقولا.
------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج